يا غربةَ الروح في دنيا من الحَجَر
و الثلج و القار و الفولاذ و الضجر ِ,
يا غربة الروح ... لا شمس ٌ فأأتلقُ
فيها ولا أفقُ
يطير فيه خيالي ساعة َ السَّحَر ِ .
نارٌ تضيء الخواء البرد’ تحترقُ
فيها المسافات, تًدنيني , بلا سَفَرِ ,
من نخل جيكورَ أجني دانيَ الثَّمَرِ .
نارٌ بلا سَمَرِ
إلاّ أحاديثَ من ماضيَّ تندفقُ
كأنهنّ حفيفٌ منه أخيلةٌ
في السّمْع باقية تبكي بلا شَجَرِ .
ياغربةَ الروح في دنيا من الحَجَر!
مسدودة كلُّ آفاقي بأبنية ٍ
سودٍ , وكانت سمائي يلهث البَصَرُ
في شطِّها مثل طير ٍ هدَّه السَّفَرُ:
النهر والشَّفَقُ
يميلُ فيه شراعٌ يرجف الألقُ
في خَفقِهِ ,وهو يحثو ,كلما ارتعشا
دنيا فوانيسَ في الشطَّين تحترقُ,
فراشة بعد أخرى تنشر الغبَشا
فوق الجناحين ...حتى يلهَث النّظرُ
الحبُّ كان انخطاف َ الروح ناجاها
روحٌ سواها , له من لمسةٍ بيدِ
ذخيرةٌ من كنوز ٍ دونما عَدَدِ .
الحب ليس انسحاقاً في رحى الجَسَدِ
ولا عشاءً وخمراً من حُميَّاها
تلتفُّ ساقٌ بساقٍ وهي خادرةٌ
تحت الموائد تُخفي نشوةَ البَشَر ِ
عن نشوةِ الله من هَمْس ٍ و من سَمَر ِ
في خيمَةِ القَمَر ِ .
يا غربة َ الروح لا روحٌ فتهواها.
لولا الخيالات من ماضيَّ تنسربُ
كأنها النوم مغسولاً به التَّعَبُ
لم يترك الضجرُ
مني ابتساماً لزوج ٍ سوف ألقاها
إن عدتُ من غربة المنفى : هو السَّحَرُ
و الحلم كالطلِّ مبتلاً به الزَّهرُ
يمس جفنين من نور ٍ وينسكبُ
في الروح أفرحها حيناً وأشجاها .
تسللتْ طرقتي للباب تقتربُ
من وَعيها وهو يغفو ثم تنسحبُ ,
ونشَّرالحُلُمُ أستاراً فأخفاها
ورفَّ جفناها
حتى كأنَّ يدي
إذ تطرق الباب مسَّت ْ منهما : " واها !
من دقّ بابي ؟ أهذا أنت يا كبدي ؟"
وذاب في قبلتي ما خلَّفَ السَّهَرُ
في عينها من نعاس , فهْي تزدهر
كوَردَةٍ فُتّحت للفجر عيناها .
للشاعر بدر شاكر السياب
و الثلج و القار و الفولاذ و الضجر ِ,
يا غربة الروح ... لا شمس ٌ فأأتلقُ
فيها ولا أفقُ
يطير فيه خيالي ساعة َ السَّحَر ِ .
نارٌ تضيء الخواء البرد’ تحترقُ
فيها المسافات, تًدنيني , بلا سَفَرِ ,
من نخل جيكورَ أجني دانيَ الثَّمَرِ .
نارٌ بلا سَمَرِ
إلاّ أحاديثَ من ماضيَّ تندفقُ
كأنهنّ حفيفٌ منه أخيلةٌ
في السّمْع باقية تبكي بلا شَجَرِ .
ياغربةَ الروح في دنيا من الحَجَر!
مسدودة كلُّ آفاقي بأبنية ٍ
سودٍ , وكانت سمائي يلهث البَصَرُ
في شطِّها مثل طير ٍ هدَّه السَّفَرُ:
النهر والشَّفَقُ
يميلُ فيه شراعٌ يرجف الألقُ
في خَفقِهِ ,وهو يحثو ,كلما ارتعشا
دنيا فوانيسَ في الشطَّين تحترقُ,
فراشة بعد أخرى تنشر الغبَشا
فوق الجناحين ...حتى يلهَث النّظرُ
الحبُّ كان انخطاف َ الروح ناجاها
روحٌ سواها , له من لمسةٍ بيدِ
ذخيرةٌ من كنوز ٍ دونما عَدَدِ .
الحب ليس انسحاقاً في رحى الجَسَدِ
ولا عشاءً وخمراً من حُميَّاها
تلتفُّ ساقٌ بساقٍ وهي خادرةٌ
تحت الموائد تُخفي نشوةَ البَشَر ِ
عن نشوةِ الله من هَمْس ٍ و من سَمَر ِ
في خيمَةِ القَمَر ِ .
يا غربة َ الروح لا روحٌ فتهواها.
لولا الخيالات من ماضيَّ تنسربُ
كأنها النوم مغسولاً به التَّعَبُ
لم يترك الضجرُ
مني ابتساماً لزوج ٍ سوف ألقاها
إن عدتُ من غربة المنفى : هو السَّحَرُ
و الحلم كالطلِّ مبتلاً به الزَّهرُ
يمس جفنين من نور ٍ وينسكبُ
في الروح أفرحها حيناً وأشجاها .
تسللتْ طرقتي للباب تقتربُ
من وَعيها وهو يغفو ثم تنسحبُ ,
ونشَّرالحُلُمُ أستاراً فأخفاها
ورفَّ جفناها
حتى كأنَّ يدي
إذ تطرق الباب مسَّت ْ منهما : " واها !
من دقّ بابي ؟ أهذا أنت يا كبدي ؟"
وذاب في قبلتي ما خلَّفَ السَّهَرُ
في عينها من نعاس , فهْي تزدهر
كوَردَةٍ فُتّحت للفجر عيناها .
للشاعر بدر شاكر السياب