لولا «مصر الجديدة» لما نجحت الصفقة
قد
يكون نجاح الوساطة المصرية في إتمام صفقة تبادل الأسرى التعبير الأوضح عن
الفارق الكبير بين عقليتي إدارة الدبلوماسية المصرية في فترتي حكم حسني
مبارك وما بعده
محمد شعير
لولا
مصر، لما تمّت صفقة تبادل الأسرى بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. من
هنا، شاعت أجواء احتفالية بنجاح الصفقة في الإعلام المصري أيضاً، على قاعدة
أنّ القاهرة ستكون من بين المستفيدين من نجاح التبادل، في إطار رغبة
المجلس العسكري المصري الحاكم بتقديم دليل على تغيير نمط التفكير القائم
على العناد أثناء فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك ورئيس جهاز
الاستخبارات السابق عمر سليمان، وهما اللذان أجّلا تنفيذ الصفقة لفترة
طويلة، بحسب تعبير أحد المحللين السياسيين المصريين البارزين.
ويرى
المحلل نفسه أن أحد الشروط التي تمت على أساسها الصفقة بين مصر وحركة
«حماس»، هو موافقة الحركة الاسلامية على المشاركة في تأمين المعابر
الحدودية ومنع المنظمات الإسلامية من مواصلة مهاجمة خطوط الغاز المصري بين
الحين والآخر، في مقابل تخفيف الحصار عن غزة من قبل المصريين حتى إلغائه
نهائياً قريباً، إذ لن يعود هناك مبرر للحصار في حال تنفيذ هذه الوعود.
وبحسب
المصدر، تمت مناقشة استضافة المكتب السياسي لحركة «حماس» في القاهرة بدلاً
من سوريا، غير أن رئيس المكتب السياسي خالد مشعل نفى في برنامج تلفزيوني
على قناة الـ«سي بي سي» المصرية، أمس، أن تكون حركته قد تقدمت بطلب لنقل
المكتب من دمشق إلى القاهرة.
لكن
رغم هذا النفي، ظلت تسريبات اعلامية تتحدث عن أن «تفكيك المكتب السياسي»
لـ«حماس» هو من الشروط غير المعلنة لنجاح «صفقة شاليط»، إذ تسعى الحركة
الاسلامة إلى إعادة علاقتها مع الأردن ونقل مقر بعض أعضاء مكتبها السياسي
إلى هناك، على أن تستضيف القاهرة شخصيات أخرى، منها موسى أبو مرزوق إلى حين
استقرار الأوضاع في سوريا. في المقابل، يرى الدبلوماسي المصري، الدكتور عز
الدين شكري، مدير ملف الصراع العربي ــ الإسرائيلي في «منظمة إدارة
الأزمات»، إن نقل مكتب «حماس» إلى القاهرة والأردن «أمر صعب حالياً، وسيؤدي
إلى مشاكل داخلية وخارجية كثيرة، أهمها زيادة الضغوط الأميركية
والإسرائيلية». وأكّد شكري أن دولة قطر هي المؤهلة الوحيدة لاستضافة مكتب
«حماس» خلال الأيام المقبلة.
وفي
السياق، يشير المحلل المصري إلى أن صفقة تبادل الأسرى «لم تكن لتتم لولا
رضا سوريا»، متحدثاً عن تفاهمات عديدة جمعت بين مصر وحماس من جهة، ومصر
وإسرائيل من جهة أخرى، «لكن ليس في إطار حلول سياسية بل في إطار تفاهمات
أمنية لأن الوقت غير مناسب لأيه حلول جذرية، وخصوصاً أن الفترة المقبلة
يراها البعض ربع الساعة الأخيرة فى فترة حكم (الرئيس الأميركي باراك)
أوباما». من هنا، يرى أنه «حتى موعد الانتخابات الأميركية المقبلة (في
تشرين الثاني 2012) التي يسعى أوباما إلى كسبها، لن تكون هناك تفاهمات
سياسية جذرية في المنطقة، بل تفاهمات أمنية». من ناحية أخرى، لم يكن هذا
النجاح المصري كافياً لمنع خروج انتقادات عبّر عنها البعض ضد الصفقة، على
اساس أنها نقلت الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال إلى المنافي المختلفة،
وأنها قللت من قيمة اضرابهم عن الطعام الذي أحرج دولة الاحتلال دولياً.