.... خداع النفس....
[color=blue]حسب علم النفس، فإن خداع النفس (Self Deception) هو تلك الطريقة التي نتبعها لتضليل أنفسنا بغرض قبول ما هو زائف أو غير موجود على أنه حقيقي. وهو باختصار طريقنا لتبرير المعتقدات الخاطئة.
يقول الفيلسوف الأميركي مايكل نوفاك " لا حدود معروفة لقدرة الإنسان على خداع نفسه". كما يقال أيضاً أن أقدم وأسوأ أشكال الخديعة هو أَنْ نخدع أنفسنا".
تقبع داخل كل منا شمعة داخلية تعمل على إنارة دواخل نفسه و سبر أغوارها. وبقدر ما تتوهج هذه الشمعة يكون اتساع نورها ليضيء أركان النفس الخفية لكل منا. تشكل هذه الشمعة أحياناً مصدر إزعاج لنا عندما تكشف لنا جوانب من أنفسنا لا نحب أن نراها، ونعمدُ إلى تجاهلها و أحيانا إلى نفيها، رغم أنها جزء لا يتجزأ من كياننا، فنقوم بخفض شدة إضاءتها فينحسر نورها وتتسع ظلالها، و تختفي الأركان البغيضة لأنفسنا تحت جنح الظلام الداخلي. تبقى موجودة، لكننا لا نراها ونعتقد أنها اختفت. و هكذا يخدع الإنسان نفسه.
يبدو لي أن هذه طبيعة بشرية، و لا سبيل إلى إبعادها، و أن وجود تلك الشمعة الداخلية لدى المرء، لكفيل بالحد من سلبياتها، فهكذا هي تركيبة البشر، مزيج من كل شيئ و نقيضه، بتوازن دقيق إذا اختل، تختل معه الفطرة الإنسانية التي لم يقدر أحد على تفسير أسرارها.
من منا لم يختبيء و لو مرة، بشكل أو بآخر مِنْ، ضيائه الداخليِ ؟ من لم يقدم يوماً على التنصل من حالة تسكن فيه، أو أن يتمثل صفة ليست به؟ من منا يزعم أنه لم يحاول، ولو مرة واحدة أن يستعير ذاته. يستعيرها إما أن من نفسه و إما من غيره. وهنا يوجد الفارق المهم
عندما تستعير من جهدك الخاص تكون أقدر على تفسير ذاتك، أما إذا استعرت أو سرقت من غيرك فأنت مضطر إلى التبرير، و التبرير يقتضي إبداء الأعذار، و كلما زادت الأعذار، تراجعت احتمالات الحقيقة. هكذا يقول المنطق.
لا يقتصر خداع النفس على إخفاء الحقيقة الداخلية، بل يطال محاولة تزييفها.. فكم من الناس يحاول أن يقدم نفسه في صورة لا تتفق مع حقيقته، بل أحياناً تتناقض معها.
قد يكون انتحال صورة زائفة، أو إخفاء صورة حقيقية نابعا عن وعي وقصد وتصميم، فهنا يكون الغش، وهذا هو الكذب.
أما تقديم صورة زائفة بدون وعي، أو باقتناع كامل بحقيقتها، و العمل على تسويق هذه الصورة على الناس، فهذا هو خداع النفس، و هذا هو المرض!
منقول..[/color]